کد مطلب:219954 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:155

تاریخ الحجامة القدیمة
ان أول طریقة مسجلة لتنظیف الدم هی فصد الدم التی كان یستخدمها



[ صفحه 523]



المصریون القدماء. فقد استخدمت الابر والكؤوس لهذا الغرض والتی وجدت فی سرادیب اثار قداء المصریین. و كانت الكؤوس تصنع عادة من قرون الأغنام مع حفر ثقوب عند أطرافها المدببة، و من خلالها یسحب الدم الی خارج الجسم بامتصاصه بواسطة الفم. و كان فصد الدم یتم بواسطة أربع طرق:

1 - من خلال الشرایین (فی قسم الشرایین).

2 - من خلال الأوردة (فی قسم الأوردة).

3 - من خلال الجلد (بالكؤوس).

4 - باستعمال العلق.

و لقد كتب أبوقراط (377 - 460 ق.م) الذی أشاع طریقة فصد الدم خلال العصر الكلاسیكی... كتب یقول: ان طریقة فصد الدم تحتل المكانة الأولی فیما یتعلق بمداواة قائمة طویلة من الأمراض، التی تبدأ بالصرع والسكتة الدماغیة، و تصل الی الالتهاب الرئوی، و الآلام الجنبیة، و كانت العملیة تجری علی الذراع و غیره من أجزاء الجسم المتصلة بالعضو الملتهب، أو الذی یشكو الألم. و كانت كمیات كبیرة من الدم تستخرج من الجسم لغرض العلاج، و كانت تؤدی أحیانا الی تعرض المریض للاغماء. كما سجلت الآثار أثار المینویین [1] ، وقدماء المصریین، والسومریین كانوا یقیمون الحمامات لاجراء عملیات التنظیف الطقوسیة ولأغراض الاستشفاء. كما أن الجنود الرومان نقلوا تلك الطریقة الی بلادهم ابان عودتهم الیها. و یذكر أن روما وحدها كانت تضم 900 حمام عمومی تجری فیها عملیة فصد الدم. أما فی ایطالیا فكانت تلك العملیة شائعة الاجراء خلال أیام الأحد عندما كان المستحمون - یتخلصون من الفضلات السمیة والدماء الزائدة فی أجسامهم. والجدیر بالذكر أن تلك الحمامات كانت تقدم المطهرات القویة الی روادها فیما قبل و ما بعد اجراء عملیات فصد الدم.

ولقد ساد تأثیر الطب الاغریقی فی روما القدیمة فی أوائل عصر الامبراطور سلسوس (53 ق.م - 7 م) الذی كان یعتبر فصد الدم بمصابة الطریقة الرئیسیة



[ صفحه 524]



لاستخراج الفضلات السمیة من الجسم مع ملاحظة أنها استخدمت كعلاج لجمیع الأمراض تقریبا. كما أن الكهنة فی المعابد كانوا یجرون عملیة فصد الدم و ذلك بعد أن انقضت فترة كان الجمیع خلالها یعتقدون بمنافع و جدوی تلك الطریقة.

أما «أولوس كور نیلیوس» Aulus Conelius (300 - 200 م) فكان یجری عملیة فصد علی الأوردة، كما كان - فی أفضل الأحوال - یسحب فی المرة الواحدة كمیة من الدم تتراوح بین 7 / 24 أوقیة «وأما» «أنتیلوس» Antyllys، و هو جراح بیزنطی شهیر، فكان یجری عملیة فصد علی المناطق القذالیة، الخلفیة، والأذنیة، والأمامیة، والصدغیة.

علی أن أكثر وسائل ازالة الفضلات السمیة من الجسم شیوعا هی فصد الدم عبر الجلد الذی یعتبر أكبر أعضاء الجسم. و لقد انتشر استعمال هذه الطریقة وسجلها المسلمون تحت مسمی: «كاسات الهواء» أو «الحجامة» (حسب اللفظ العربی) أو «بیكام» Becam (فی لغة مالیزیا)... و هی الطریقة التی ظلت سائدة الاستعمال حتی القرن التاسع عشر.

ففی القرن الخامس عشر أصبحت الحمامات العمومیة فی أوروبا مثیرة للاشمئزاز بسبب عملیات الفسق التی انتشرت بین جدرانها فنبذها الرهبان واصفین ایاها بأنها «بیوت ملتهبة بالخطیئة». فقد أظهرت المطبوعات التی نشرت فی تلك الفترة رسوما للرجال والنساء معا فی مغاطس الحمامات، كما عرضتهم یأكلون مع بعضه البعض فی غرف البخار و یشربون أو یعزفون علی الآلات الموسیقیة فی تلك الحمامات. و فی وسط تلك المشاهد كان هناك شخص یجری فصد الدم علی یدی صاحب الحمام الذی كان - هو الآخر - حلاقا، و جراحا، و فصاد دماء. أما أطباء تلك الفترة فكانوا یتجنبون اجراء هذه العملیة لا لشی ء الا لأن ممارستها لم تتطلب الحصول علی ترخیص بمزاولة الطب، ومن ثم كان یحتكر اجراءها الحلاقون، والنجارون والحدادون.

أما خلال عصر رسول الله محمد بن عبدالله صلی الله علیه و آله وسلم فقد انتشر استخدام الحجامة وحتی حلول القرن الثالث عشر للمیلاد عندما انحرفت عن العلوم البحتة، و ما أن حصل عصر النهضة حتی كانت الحجامة قد ارتبطت بحمیمیة بعلم التنجیم، ولقد استمتع طب التنجیم بسلطة مطلقة خلال الفترة بین القرنین الثالث



[ صفحه 525]



عشر والسابع عشر لكنه تأثر - الی حد كبیر - بعملیة الحجامة. و نظرا لأن عملیة الفصد كانت تعتبر طریقة علاج ضروریة، فقد وضع لاستخدامها نظام یعتمد علی خرائط النجوم، و كان یقال: أن كل عرق فی جسم الانسان یتصل بأحد النجوم أو الكواكب... بالضبط كما یتصل مختلف أعضاء الجسم باشارات فی دولاب الأبراج. و اتفاقا مع الاعتقاد السائد بأن حیاة كل من أعضاء جسم الانسان محكومة بمجموعة من النجوم، فقد كان فصد الدماء یعتقدون أن باستطاعتهم تشخیص جمیع الأمراض من خلال قراءة مواقع النجوم.

و كما تقول السجلات، فانه یوجد (51) موقعا یمكن اجراء فصد الدم علیها بهدف العلاج، و أن كلا من هذه النقاط تتصل بنقاط الوخز و بذلك یصل عدد مواقع فصد الدم المتاحة الی المئات. ذلك أن فصد الدم لم یكن مسبوقا - فی جمیع الأحوال بفحص طبی كما أنه كان یمارس لأغراض الوقایة حتی فی غیاب المرض.

و علی أیة حال، فقد كان هناك، خلال تلك الفترة، أطباء لم ینبذوا العلاج عن طریق النجوم فحسب بل انهم رفضوا بشدة عملیة فصد الدم والتقسیم الشریانی و ما تؤدی الیه عملیة الفصد من اهدار مجنون للدم. بید أن أصوات التحدیث تجوهلت فی النهایة و استمرت كمیات الدم فی التدفق من أجسام المرضی. فرغم البدایات غیر العلمیة لعملیة فصد الدم و ارتباطها بالمجهول، فان تلك العملیة أثبتت أنها جزء لا یتجزأ من عملیة طویلة تفضی الی تطور الدیلزة الحدیثة. [2] .

أما المجال الآخر لتنظیف الجسم عبر الجلد فكان استخدام العلق Leeching الذی استورد من فرنسا لهذا الغرض. و هكذا ظلت الحمامات العمومیة المستخدمة لفصد الدم فی كونها جزءا لا یتجزأ من الحیاة الاجتماعیة. و من ثم ازدهر مع تطور صناعة أنابیب المیاه فی انجلترا. فقد كان المقصود من استعمالها النهوض بالصحة والراحة الجسمانیة و من ثم حلت الحمامات الخصوصیة محله



[ صفحه 526]



بمرور الوقت. و مع ظهور و ابتكار الكبریت والكلوروفورم فی القرن التاسع عشر لم یعد هناك مجال لاجراء فصد الدم كوسیلة للعلاج. و هكذا، و علی امتداد القرنین التاسع عشر والعشرین، كانت الحجامة تترك المجال تدریجیا للتدابیر الجدیدة التی یستطیع الأطباء القبول باستخدامها. بید أن الحاجة الی تنقیة الدم، دون اخراجه من الجسم، أدت الی ظهور المعالجة المثلیة Hacmo - dialysis مع ما طرأ علیها من تطورات مما أدی - بمرور السنین - الی ظهور الدیلزة الحدیثة بم تتضمنة من تعقیدات، وهیا لمعرفة لدینا فی الوقت الحاضر.

بید أن عملیة الحجامة التی كانت سائدة فی القرن التاسع عشر لا یزال فی مؤیدوها من أمثال الدكتور هنریتش ستیرن، الذی استخدم عملیة وخز الورید، أی ادخال الابرة أو المبزل الی الورید مباشرة بغرض سحب الدم أو الحقن فی الورید بمحلول ملحی. و بالتدریج استخدمت هذه الطریقة فی الحقن فی الورید بالمحالیل والعقاقیر المحافظة علی الحیاة. الا أن وخز الورید تضاءل استخدامه بظهور طرق المعالجة المثلیة والمضادات الحیویة. علی أن ضرورة وجود عدد من المراجعین خلال فترة فصد الدم جعلت استخدامه قاصرة فقط علی الهیئات العامة والأشخاص الفاحشی الثراء الذین یملكون أماكن علاج خاصة بهم. و هكذا أصبح من الیسیر ملاحظة كیف و لماذا وقع الموضوع فی عدم الثقة و بالتالی فی اساءة الاستعمال و ذلك عندما نخلط دراسة التقالید والعادات باحدی التطلعات الشاملة التغیر والتی تمخضت عن التعلیم الحدیث. و فیما یتعلق بمبدأ العلاج فقد ظلت الحجامة ممارسة راسخة و هی لا تزال كذلك... بین أن زمان هذه الطریقة العلاجیة قد مضی.

و هكذا فان عملیة كاسات الهواء التی تستخدم من الروتین العادی للحیاة بهدف تخفیف الآلام والمعاناة، و وقایة الحیاة من الأمراض، لا تزال تستحق - فی هذا العصر الحدیث - قدرا غیر یسیر من الاهتمام... الأمر الذی دفع بی الی هذا المجال من البحث مستخدمة نفس الفكرة ولكن. بأدوات علمیة و معقمة تتفق و احتیاجات المجتمع المعاصر.. و من ثم فاننی أقدم «الحجامة الحدیثة» كواحد من علوم العلاج الحدیثة من أجل تخفیف الآلام والمعاناة، و لاستعادة نشاط الوظائف الجسمیة، و أیضا للوقایة من الأمراض و علاجها، و بذلك تتحقق لنا جمیعا و للأجیال القادمة الصحة الأفضل.



[ صفحه 527]




[1] المينويون Minoans هم أهل حضارة جزيرة كريت القديمة و عاشوا خلال الفترة من 3000 الي 1100 ق. م (المترجم).

[2] الديلزة Dialysis هي فصل المواد شبه الغروية عن المواد الأخري القابلة للذوبان و ذلك باستخدام غشاء فارز. (المترجم).